التأثير فى الآخرين فن وهو مرتبط بفن القيادة والذي يختلف عن الإدارة
يخلط الكثيرون بين مصطلحي القيادة والإدارة ويعتبرونهما وجهان لعملة واحدة. لكن المصطلحين مختلفان تماماً في الحقيقة. فالقائد يمكن أن يكون مديراً أيضاً ولكن ليس كل مدير يصلح قائداً. فما هو الفرق بين القيادة والإدارة؟
القيادة:
تركز القيادة على العلاقات الإنسانية وتهتم بالمستقبل. وتهتم القيادة بالرؤية والتوجهات الإستراتيجية وتمارس أسلوب القدوة والتدريب.
الإدارة:
تركز الإدارة على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر. ومن هنا فهي تركز على المعايير وحل المشكلات وإتقان الأداء والاهتمام باللوائح والنظم واستعمال السلطة. كما تهتم بالنتائج الآنية مثل كم ربحنا، وكم بعنا، وما إلى ذلك؟
والحقيقة أن كلا الأمرين مهم. فالقيادة بدون إدارة تجعلنا نعيش في عالم التخطيط للمستقبل، مع إهمال الإنجاز الفوري الذي نحتاج إليه كي نصل لأهدافنا المستقبلية. والإدارة وحدها تجعلنا لا نرى سوى مشاكلنا اليومية التي تستغرقنا فلا يتاح لنا الوقت للتفكير والتخطيط للغد. إنها تجعلنا نبتعد عن الأهداف البعيدة والصورة الكلية وربطها بالقيم والمبادئ. وقد ننسى في فورة اهتمامنا الطاغي بالإنتاج والإتقان والجودة أننا نتعامل مع بشر لهم أحاسيسهم وحقوقهم واحتياجاتهم.
نحن نعلم أن الإنسان يمكن أن يتعلم علم الإدارة. فهو يدرس في الجامعات والمعاهد وهناك العديد من المتخصصين الذين يقدمون الدورات المتميزة فيه. ولكن هل يمكن تعلم فن القيادة؟ حيّر هذا السؤال العالم، واختلف فيه الباحثون والدارسون، فمنهم من يرى أنها موهبة فطرية تولد مع الشخص. ومن هؤلاء “وارين بينيس” الذي يقول: إنك لا تستطيع تعلم القيادة، القيادة شخصية وحكمة وهما شيئان لا يمكنك تعليمهما. ومنهم من يرى أنها كأي مهارة أخرى يمكن أن تكتسب. فيقول “بيتر دركر”: يجب أن تتعلم القيادة، وباستطاعتك أن تتعلمها.
إننا نعتقد أن القيادة تنقسم إلى جزأين، جزء يمكن تعلمه وإتقانه وجزء يجب أن يكون موجوداً بالفطرة في الشخص، وبدون هذين الجزأين لا يمكن أن تكتمل شخصية القائد ونجاحه كقائد. أما الجزء الذي يمكن تعلمه فهو ما يتعلق بمهارات التواصل والتخاطب، والنظريات الاستراتيجية والأساليب القيادية المختلفة. وكلها أمور يمكن تعلمها في المعاهد والمراكز والجامعات في دورات تطول أو تقصر.
لكن الجزء الذي لا يعلم ولا يمكن اكتسابه بشكل مصطنع هو المتعلق بالمشاعر والعاطفة وسرعة البديهة والاهتمام بمن حولك. وهي صفات تصنع القائد وتحبب الناس فيه فيسهل عليهم اتباعه. يقول الله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
وهكذا فإن من لديه هذه الصفات يستطيع أن يتعلم المهارات الأخرى عبر التدريب والتعليم والتوجيه وصقل المهارات.
وبصفة عامة فإن القيادة تتعلق بشخصية الإنسان ككل. وهي بروز الشخصية القيادية الحقيقية، وهذا أمر يحتاج إلى الكثير من الوقت والصبر، إذ أن الشخصية القيادية لا يمكن أن توجد وتدرب وتصقل وتكتسب الخبرة اللازمة للقيادة في يوم وليلة، بل هي عملية تأخذ سنوات من العمر.
النصائح الذهبية للتأثير فى الآخرين:
- امتنع من قول الكلام القاسي أو السلبي، وانتبه لهذا خاصة حينما تُستثار أو تكون منهكًا. إن نجاحك في الامتناع عن هذا في الظروف المذكورة هو شكل راقٍ من ضبط النفس. إننا ننجح في عمل هذا حينما نمتنع من قذف الكلمات التي هي من صنع فورة الهيجان.
- مارس الصبر مع الآخرين. في أوقات الضغط النفسي، يكون فقدان الصبر لدينا طافيًا على السطح، متحفِّزًا ليجعلنا نقول ما لا نقصد. وقد يظهر فقدان الصبر على شكل التجهم والتقطيب، او في ردود افعال تفتقر الي الحكمة. إن الصبر هو التعبير العملي عن الثقة والأمل والحكمة والحب. وليس الصبر شيئًا سلبيًا، بل هو سلوك عملي، إنه ليس الصمت الغاضب. إنه قبول لحقيقة التقدم والنمو الطبيعي. وفي الحياة مواقف كثيرة تظهر فيها قدرتنا على الصبر، مثل انتظار شخص متأخر، والاستماع الصبور للصغير وهو يفرغ عواطفه برغم إلحاح المشاغل
- ميز بين الشخص وسلوكه أو فعاليته: إن من الواجب أن نبقى على التواصل مع الإنسان على فرض أن له قيمته الذاتية، وهذا لا يعني أن نغض النظر عن سلوكه الخاطئ أو الشائن
- قدم خدمات لا يدري أحد أنك أنت الذي قدمتها. إننا كلما قدمنا أعمالاً طيبة للآخرين دون أن يدروا بمن قدمها فإن شعورنا بقيمتنا الأصلية يزداد ، كما يزداد احترام الذات لدينا . كما إن مثل هذه الخدمة هي من أهم عوامل التأثير على الآخرين
- حافظ على ما قطعته من وعود. إن محافظتنا على الوعود تعني أن يكون لنا تأثير على الآخرين. وحتى نعطي الوعود التي سوف نفي بها نحتاج أن نفهم أنفسنا، وهذا يعني أننا نقوم بعملية انتقاء دقيق لما سنعطيه من وعود. إن قدرتنا على إعطاء الوعود والوفاء بها هو أحد مقاييس سلامة شخصيتنا
- ركز على دائرة التأثير. حينما نركز على المجال الذي نستطيع أن نتحكم فيه فإن دائرة تأثيرنا تتوسع
-
تمثل قانون الحب. حينما نتمثل قانون الحب فإننا نشجع الناس على قبول قوانين الحياة، إن الناس لديهم جانب من الليونة في داخلهم، خاصة أولئك الذين يتظاهرون بالشدة. وحينما نعرف كيف نستمع ونصغي إليهم نحصل على تجاوبهم، ويزداد تأثيرنا إذا أبدينا حبًا غير مشروط ، أما العلاقات السطحية ومحاولة التحكم فإنها تفقد الناس الثقة
- افترض أفضل الظن في الآخرين. إن افتراض حسن النية يؤدي إلى نتائج طيبة، وحينما يكون تعاملك مع الآخرين على افتراض أنهم يفعلون أحسن ما لديهم بحسب ما يرون الأمور يعطيك القدرة على أن تستثيرهم على فعل أفضل ما يستطيعون فعله . بينما بالمقابل حينما نجهد لنصنف الآخرين ونصدر عليهم أحكامنا فإن هذا يدل على أننا لا نشعر بالأمان. إن لكل إنسان أبعادًا كثيرة، بعضها ظاهر وأكثرها هاجع كامن، ويميل الناس إلى أن تكون استجابتهم لنا بحسب ما نعتقده عنهم. فلا تسء الظن في الأكثرين بسبب الأقلين.
- حاول أولاً أن تفهم. لتكن محاولتك أن تفهم الآخر قبل رغبتك في أن يفهمك الآخر. تقمص دور من أمامك، أي افهم كيف يفكر ولو لبعض الوقت. مثل هذا السلوك يتطلب شجاعة وصبرًا وشعورًا بالأمان
- كافئ الكلام والأسئلة المخلصة. من المؤسف أن الناس يسيئون إلى من يتكلم بانفتاح واستقامة، وأكبر عقبة في العلاقات المثمرة المستقيمة إصدار الأحكام والانتقاد
- أشعر الآخر أنك تفهم عليه. فحين تفعل ذلك تنبني علاقات الثقة في أثناء التواصل ، ولكن مثل هذا التجاوب يجب أن يكون موقفًا صادقًا ، وليس تلاعبًا بسحنة الوجه والكلام
- إذا أساء إليك أحد فكن المبادر بإصلاح العلاقة. فإن من أحس بالإساءة وانكب بتفكيره عليها سوف يجعل المشكلة تتضخم حتى تخرج عن السيطرة ، وحينما تصلح العلاقة فافعل ذلك بطيب نفس ، دون أن يكون في قلبك غضب وغيظ
- اعترف بأخطائك، واعتذر، واطلب الصفح. حينما تتأزم العلاقات فعلاً فقد يكون الحل أن نعترف أننا مسؤولون على الأقل عن الأزمة . ولا يكفي أن نشعر هذا في السر ، بل كثيرًا ما يكون الحل الوحيد أن نعترف بالخطأ ونعتذر ، ولا نقدم أعذارًا ودفاعات .
- دع الجدال يفرغ نفسه بنفسه. في حال صدور اتهامات غير مسؤولة وجدال متعنت من الآخر فلا تفعل مثله ، دعه يتكلم حتى يفرغ ما في جعبته ، استمر في عمل ما عليك عمله بهدوء ، وهذا سيجعل الآخر يواجه النتيجة الطبيعية لجداله . أما إذا انسقت إلى دائرة الجدال فإنك ستذوق الحسرة مثلما سيذوقها الآخر ، كما أن دخولك في ذلك سوف يهيئ بذور مزيد من التباعد في المستقبل
- أعط الأولوية للعلاقة الشخصية. قد تجد مدير أعمال له نشاط كبير في عمله وفي مساعدة كثير من الناس ، ولكنه لم ينجح في تطوير علاقة عميقة مثمرة مع زوجته أو مع أبنائه . إن النجاح في تطوير هذا يتطلب نبلاً في الشخصية وتواضعًا وصبرًا أكثر مما يتطلبه النجاح مع المجتمع . وقد يدافع المرء عن نفسه بقوله إنه أهمل الواحد لينجح مع عدد كبير ، وهذا يخفي رغبته في الحصول على التقدير والامتنان . إننا ندرك أننا بحاجة إلى أن نخصص وقتًا نعطي فيه كل اهتمامنا لشخص محدد
- أعد بلا ملل ذكر الجوانب التي تجمع بينك وبين الآخرين. سلط الضوء على الجوانب التي توحد بينك وبين أصدقائك وعائلتك والعاملين معك . لا تجعل دور المشكلات أكبر من جوانب التوحيد وأعمق المشاعر
- اجعل تأثير الآخرين عليك سابقًا على تأثيرك عليهم. إن تأثيرنا على الآخرين يوازي شعورهم بتأثيرهم علينا . إن اهتمامك بمشكلات الآخر الخاصة تجعله يعلم بتأثرك بشؤونه ، وعندها سيفتح لك قلبه بشكل مدهش
- تقبل الشخص كما هو. إن أول خطوة في تغيير الآخر أن تتقبله كما هو . فإذا لم تتقبله فإنه سيتخذ موقفًا دفاعيًا ويتوقف استماعه لك. ولا يعني التقبل أنك تقبل بالعيب الذي لديه ، ولكنه يعني إدراك قيمته الأصلية
- كن مستعدًا في قلبك وعقلك قبل أن تكون مستعدًا بلسانك. إن طريقة قولنا للأشياء قد تكون أهم مما نقوله ، فقبل أن يعود أطفالك من المدرسة وكل منهم سيعرض حاجاته، فكر واضبط نفسك ، قرر أن تكون لطيفًا مرحًا ، وقرر أن تستمع إليهم بكل اهتمام. وهكذا قبل أن تلقى زوجتك ( أو زوجكِ )، راجع قدراتك على أن تدخل على الآخر السرور، مثل هذا القرار سيمكنك من التغلب على عنائك ويستثير قدراتك
- تجنب مواقف الهجوم أو الدفاع . في حالات الخلاف تجنب ما يفعله كثير من الناس حينما يحيلون الخلاف إلى عنف، سواء أكان العنف بالغضب الظاهر أو بالكلام الساخر أو بالعبارات الجارحة أو بالانتقاد. وتجنب كذلك الدفاع سواء أكان بصورة الانسحاب والحسرة، والدليل لكل ذلك هو الحديث الهادف لإنهاء الخلاف
- اختر الوقت الصحيح للتعليم. ليس كل وقت مناسبًا للتعليم ، فالناس مستعدون للتعليم حينما لا يشعرون أن هناك ما يهددهم، وحينما لا تكون أنت غاضبًا أو في حالة إحباط، وإنما تظهر احترامًا وعطفًا وتكون أنت في أمان في داخل نفسك، ولا يناسب التعليم كذلك حينما يحتاج الآخر إلى المساعدة ، تذكر من جهة أخرى أننا نقوم بالتعليم غير المباشر كل الوقت؛ لأننا نشع باستمرار ما يدل على حقيقتنا
- اتفق مع الآخر على الحدود والقواعد والتوقعات والنتائج. إن شعورنا بالأمان يرجع إلى حد بعيد إلى شعورنا بالإنصاف والعدل، وبالعكس فإن الحياة يفقد فيها الأمان حينما تكون القواعد والتوقعات مفاجئة مزاجية
- لا تستسلم ولا تيأس. ليس من الرفق بالناس أن نحميهم من نتائج أعمالهم، فمثل هذه الحماية تمكن للسلوك غير المسؤول وتعلم الناس أن يسمحوا لأنفسهم أن تكون رغباتهم هي النظام السائد ، ومن جهة أخرى فحينما نتغافل عن محاولات الناس فنحن نثبط محاولاتهم
- كن حاضرًا عند مفترقات الطرق. قد يتخذ من نحبهم ويهمنا أمرهم قرارات لها آثار بعيدة المدى على أساس رؤى انفعالية آنية ، فكيف نحميهم ؟ إن أول ما علينا فعله أن نفكر قبل أن نبدي رد فعلنا ، فلا ننساق وراء الانفعال نحن كذلك ، وإلا أضررنا بما لنا من تأثير عليهم ، وعلينا ثانيًا أن نعرف أن المشاعر تحرك دوافع الناس أكثر من التفكير ، فعلينا أن نتعلم اللغة التي تؤثر فيهم كما نتعلم لغة أجنبية، فلا ندينهم ولا ننبذهم
- استخدم كلاً من لغتي المنطق والمشاعر. إن هاتين اللغتين تختلف إحداهما عن الأخرى كما تختلف اللغة العربية عن الصينية ، حينما لا يحدث التواصل الجيد بينك وبين الآخر فامنحه الوقت الكافي وأصغ إليه بإخلاص ، وعبر عن مشاعرك بصدق .
- فوِّض الآخر بالعمل بثقة. إن تفويضنا الآخر بالعمل ومنحه الثقة ليتصرف يدل على الشجاعة من قبلنا؛ لأنه سيعمل أخطاء أثناء العمل، وسنتحمل بعض الخطأ نحن، وإذا أحسن فسيأخذ من سمعتنا وربما ما لنا، ويجب أن يكون التفويض بالاتجاهين، أنت تعطيه المسؤولية، وهو يحمل المسؤولية
- أدخل الناس في مشاريع ذات قيمة. إن مشاركة الإنسان في مشاريع ذات قيمة له أثر حميد على نفسيته ، ولكن المشروع الذي له قيمة عند الرئيس قد لا يكون له قيمة عند المرؤوس، فالمشروع الذي له قيمة هو الذي يشارك فيه الفرد في التخطيط والتفكير، إن كلاً منا يحتاج أن يشارك في رسالة لحياته، وإلا فقدت الحياة معناها. فالحياة هي توتر بين ما نحن عليه وبين ما نصبو إليه
- دربهم على قانون الحصاد. لنعلم من حولنا قانون إعداد الأرض ونثر البذور والعناية بالنبات وسقايته وإزالة الأعشاب الضارة والحصاد، فهذه الطريقة الطبيعية تعلمنا أننا نحصد ما زرعناه
- دع النتائج الطبيعية تُعلِّم من حولك السلوك المسؤول. إن من أنفع ما نقوم به أن نترك النتائج الطبيعية لسلوك الناس تعلمهم السلوك المسؤول، قد لا يحبون أن يواجهوا هذا وقد لا يحبوننا حينما نتركهم لنتائج عملهم، ولكن كسب الشعبية أمر زائل لا يعتمد عليه، فليكن العدل هو مطلبنا، وحينما نترك العدل يأخذ مجراه فإننا نكون قد منحنا الآخرين حبًا أكثر من عرقلة طريق العدل، فترك العدل يترك مجراه الذي يؤمن نموًا سليمًا وأمانًا على المدى الطويل
ثلاثة أخطاء يجب التغلب عليها
هناك ثلاثة أخطاء شائعة في مجال التأثير على الآخرين
1- الخطأ الأول
أن ننصح قبل أن نفهم. قبل أن تؤثر فيَّ لابد أن تفهمني، إنَّ لي وضعي الخاص ومشاعري الفريدة فقبل أن تحاول التأثير عليَّ يجب أن تتأثر أنت بوضعي الفريد
2- الخطأ الثاني
محاولة إصلاح العلاقة من دون إصلاح الموقف أو السلوك. لقد كان ( إيمرسون ) حكيمًا حينما قال : ( إن ما أنت عليه يصيح في أذني بصوت يمنعني من أن أسمع ما تقول )
3- الخطأ الثالث
افتراض أن القدوة الطيبة والعلاقة أمر كافٍ. حينما نخطئ هذا الخطأ نغفل أهمية التعليم الواضح، والحل أن نتحدث كثيرًا عن الرؤية والمهمة والأدوار والغايات والمقاييس
ونهاية المطاف هنا أن حقيقتنا هي ما يحقق التواصل بشكل أكثر فعالية وأكثر إقناعًا مما نقول.
اترك تعليقًا