انت الان مدير، توصلت في المقالات السابقة الى ” شفرة الأداء الأمثل ” التي تضعها لمرؤوسيك، واكتشفت قدراتك الخاصة للعمل على تحفيزهم وحثهم على بذل اقصى الجهد وتحقيق الأهداف .
الان وجب التحذير : ممنوع الاقتراب … ” منطقة راحة “
منطقة الراحة او منطقة الشعور بالأمان والاستقرار، انت تأمن انك وصلت الى المكان والمكانة ” التي تناسبك، وتشعر فيها بالسعادة والاطمئنان الى ان كل شيء على ما يرام وتحت السيطرة، فلا اجتهاد ولا تفكير ولا ابداع ولا مشكلات جديدة تستحث حماسك او تستفز ذكائك، تميل بالتدريج الى حياة الدعة والسكينة، كل شيء حولك ” جامد ” لا يتغير، رتم بطئ وروتين وديناميكية تؤدى بها أي عمل. والمشكلة الحقيقية انه رغم علمك بكل ذلك الا انك سعيد وتسعى الى الاستقرار اكثر واكثر في هذه المنطقة ولا ترغب ولا تنوى في تركها او مجرد التفكير في الابتعاد عنها، ومن هنا تكمن الخطورة .
منطقة الراحة، منطقة التقاط الانفاس وبداية الاستقرار، قد يكون مقبولا ان تسعى الى الوصول الى هذه المنطقة في فترة ما من فترات حياتك العملية ” فترة الـ عشر سنوات الأخيرة قبل التقاعد ” ولكن الخطورة الحقيقية ان تسعى الى الوصول الى هذه المنطقة ” الخطرة ” وانت ما زلت في مقتبل العمر او في بداية حياتك العملية او في اوسطها , والأكثر خطورة ان تستسلم للاستقرار في هذه المنطقة ” استسلام تدريجي ” والبحث عن مبررات تدفعك الى ذلك، فلا يحدث أي تطور إيجابي في حياتك على أي مستوى من المستويات. نفس المستوى من العلاقات، ونفس المستوى من الكفاءة المهنية، ونفس المستوى من التطور العقلي والمهني، ونفس المستوى من الخبرات.
القدرة على المخاطرة المحسوبة والمجازفة وتحمل نتائجها مهارة مكتملة الأركان، تحتاج الى ممارسة تمنحك الخبرات اللازمة للوصول الى درجة الاتقان، الاستسلام لـلاستقرار في ” منطقة الراحة ” يسلبك هذه المهارة تدريجيا الى ان تفقد قدرتك على اكتشاف ” المناطق المجهولة ” في أي عمل تقوم به ويعد ذلك اكثر سلبيات و مساوئ الاستسلام للاستقرار في منطقة الراحة في عصر نحتاج فيه الى القدرة السريعة على التكيف مع اية متغيرات والمرونة في التعامل مع اية مستجدات .
ان تكون ” محلك سر ” والكون كله يتحرك حولك، وان تعمل وفق نظرية ” ليس في الإمكان ابدع مما كان ” دون الرغبة في التطوير والتغيير، يعد الان من النظريات البالية التي عفا عليها الزمن وهى احدى الاستراتيجيات الأساسية التي يعتمد عليها أولئك ” القابعون ” في ” منطقة الراحة ” .
تريد ان تخرج من منطقة الراحة اذن شاهد ماذا فعل اليابانيون …
يحب اليابانيون الأسماك الطازجة ولكن المياه القريبة من شواطئهم ليس فيها عدد كاف من الأسماك. لذا صنعت شركات صيد الأسماك سفنا كبيرة لتبحر الى مناطق ابعد وتصطاد كمية اكبر من الأسماك. الا ان هذا يحتاج الى عدد من الأيام مما جعل الأسماك التي تصل غير طازجة. وللتغلب على هذه المشكلة زودت شركات الصيد اليابانية سفنها بمجمدات ولكن السمك المجمد لا يعجب المستهلك الياباني لذلك فكرت الشركات وزودت سفنها بخزانات مياه لإبقاء الأسماك حية وطازجة ولكن الأسماك بعد فترة قصيرة تتوقف عن الحركة في خزانات المياه بسبب الفتور مع انها تبقى على قيد الحياة. المشكلة ان المستهلك الياباني استطاع تمييز طعم السمكة التي تتوقف عن الحركة ولم يجد فيها طعم السمك الطازج الذى يريده.
فكر اليابانيون وتوصلوا الى الحل المبتكر. وضعوا في كل خزان لحفظ الأسماك الحية ” سمكة قرش ” صغيرة، تقوم سمكة القرش بالتحرك وتتغذى على بعض الأسماك ولكنها تبعث الحيوية ( من الحياة ) في بقية الأسماك التي تظل تتحرك الى ان تعود السفينة فيصبح مذاقها طازجا وكانه تم اصطيادها للتو
هل وصلت لك الفكرة ؟
تريد ان تخرج من منطقة الراحة … اذن عليك أولا بعدم الاقتراب منها من الأساس لأنها ” خادعة ” وتنسجم تماما مع رغبة الانسان الدائمة في راحة البال والتعجل بالاستقرار وحصد الجوائز بصرف النظر عن المجهود المبذول.
اذا اردت الخروج من منطقة الراحة عليك بإيجاد ” سمكة القرش الصغيرة ” الخاصة بك، والتي تجعلك دائما وابدا في حالة من الحيوية (من الحياة ) والنشاط والحركة دون الارتكان الى الكسل والراحة وعدم التفكير او حتى الرغبة في ذلك.
اذا اردت الخروج من منطقة الراحة عليك بإيجاد المنافسة واذا لم تجدها ” اوجدتها ” انت بنفسك. لابد ان تبحث دائما وتجد من ينافسك ” المنافسة الضارية ” للحصول على منصبك او التفوق عليك او اثبات انه الاحق بما تحصل عليه من مزايا، إيجاد من ينافسك هو بمثابة “سمكة القرش” التي سوف تبعث فيك الحيوية والحياة من جديد وتجعلك دائم النشاط والبحث عن كل جديد في عملك.
ارغب أخيرا في ان أوجه تحية خاصة الى احدى زميلات العمل ( م . أ ) التي اتخذت قرارا ( بعد طول تفكير ومعاناة ) بمغادرة منطقة الراحة فورا بعد ان مكثت فيها اكثر من خمسة عشر سنة الا انها وجدت ان الحل الأمثل للتخلص من حالة الملل والروتين والرضا “الزائف” والـ “محلك سر” هو ان تغادر هذه المنطقة وان تخاطر وتجازف وتغامر وتبدا من جديد في تعلم مهارات واكتساب خبرات وعلاقات جديدة .
وفى ذلك فقد تملكت شجاعة وقوة قد يفتقدها كثيرين .
اترك تعليقًا